موضوع: القرآن تثبيت وذكر الجمعة 23 نوفمبر 2012 - 4:08
- القرآن تثبيت: والقرآن (تثبيت)، فالتحدِّيات العاتية، والصعوبات الجمّة، والنكبات الفظيعة، والعنت الشديد، والإظطهاد المرير، والزلازل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والنفسية التي نتعرّض لها، تحتاج إلى مصل التماسك حتى لا يتصدّع كياننا أو ينهار: (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان/ 32). إذا اهتزّت الأرضُ تحت أقدامك.. إذا دارت بك الأرض.. تحتاج إلى شيء تُمسِك به حتى لا تسقط.. وإذا أُصِبْتَ بدوار يلفُّ رأسك، احتجتَ إلى أن تستنده إلى حائط، أو تضعه على وسادة، أو إلى أقراص مهدِّئة حتى يثبت في مكانه.. وإذا مشيتَ على سلك، أو حبل، كان لابدّ لكَ من عصاً تُمسِك بها لتثبت وتتوازن وإلا هويتَ وتحطّمت.. وإذا أدخل أحدهم أو جماعة الرعب في قلبك من خطرٍ محدق، فإنّك تبحث عمّا يمنحك الثبات في أجواء الرعب القلقة والمُقلقة.. تسأل عن (الملجأ).. وتبحث عن (الملاذ).. وإذا تساقط الناسُ من حولك في شِراك المفاسد والمباذل والمنكرات والشهوات، وتلفّتَّ فلم تجد إلّا القليل ممّن رحم ربّك، تتساءل عمّا يُبِّت لك فؤادك وقدمك.. إنّ البناء إذا لم تكن له أعمدة تُمسِكه، تهاوى.. (القرآن) يوفِّر لك الأعمدة الواقية من الإهتزاز والسقوط.. إنّه (الدّعامة) الكُبرى التي بدونها تتزلزل الأرض، وتزلّ الأقدام.
- القرآن ذِكْر: والقرآن (ذِكر)، والذِّكر يُقابِل الغفلة.. والغفلة شرود وسهو ولهو وانصراف عن منابع النور والرحمة والهداية، أمّا الذِّكر فهو أشبه شيء بإرجاع السيارة التي تخرج عن الطريق إلى الطريق، فإذا غفل عنها السائق، قادته إلى المخاطر التي قد تودي بحياته. فالذِّكر هو يقظةُ العقل وصحوةُ القلب وانتباهةُ الرّوح، أي أنّ القرآن يُذكِّرنا دائماً أنّ هناك ربّاً يرعى، ويرحم، ويُشاهِد، ويُسدِّد، ويُؤيِّد، ويُثيب ويُعاقب، ويأخذ بأيدينا إلى سبل السلام والخير والسعادة: (إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) (ص/ 87). تنسى فتحتاج إلى مَن يُذكِّرك.. وتستغرق فتبحث عمّن يعيدك إلى وعيك.. وتنام فتطلب مَن يعيدك إلى يقظتك، فتتوسّل بالساعة والمُنبِّه، وتارةً بشخصٍ دأب على الإستيقاظ في أوقات محدّدة، ومرّة تدوِّن في مفكّرتك، ومرّة تحدث حوادث مشابهة لحوادث قديمة، فيرنّ الجرسُ في وجدانك ووعيك مُذكِّراً أو مُنبِّهاً ومُوقظاً. (القرآن) جرسٌ أكبر.. مُنبِّه أعظم.. مُفكِّرة أوسع وأشمل.. إنّه علاج شافٍ من (الغفلة) مرض العصر الذي يزداد المصابون به كلّما ابتعدنا عن الله تعالى.