موضوع: القرآن ذكرى وموعظة الجمعة 23 نوفمبر 2012 - 4:09
- القرآن ذِكْرى: والقرآن (ذِكرى)، والذِّكرى عكس النسيان، فكثيراً ما ننسى أو يُنسينا الشيطانُ، ربّنا، وديننا، ومسؤوليّتنا، والغاية من خلقنا، وتعاليم دستورنا، فتأتي آياتُ القرآن الكريم لتذكِّرنا ذلك كلّه: (هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ) (غافر/ 54). إنّك إذا انقطعت عن صديق عزيز، فلا تتّصل به هاتفياً، ولا تراسله بريديّاً، ولا تسترجع ذكريات معه، فإنّه شيئاً فشيئاً سوف يخرج من ذاكرتك وربّما من حياتك أيضاً، وكذلك القرآن، فهو ذكرى للذاكرين، وإلّا انفصل عن حياتهم وانفصلوا عنه.
- القرآن موعظة: والقرآن (موعظة)، بل هو أحسن المواعظ على الإطلاق، فلا يجد باحث عن الموعظة البليغة أبلغ منه.. يعظنا في الأمم التي سلفت.. وفي الموت الذي سنتجرّع كأسه كلّنا بلا استثناء، وفي الدنيا التي هي متاع قليل، ودار لهو وغرور: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران/ 138). مواعظُ القرآن ليست باردة، أو خالية من الروح.. هي مواعظ تتفاعل مع الحياة.. تجمع بين متطلّبات الإنسان وبين الحكمة في تلبيتها، وبين (المَثَل) وبين (تطبيقاته) وبين الموقف التأريخي الذي ماتَ أصحابه، لكنّه بقيَ حيّاً نابضاً كالأنهار الكُبرى التي تروي الأجيال ولا تموت بموتهم.. آيات القرآن.. أنهار خالدة.. يعظني القرآن فيقولُ لي: إنّ الذين (فعلوا) أناسٌ مثلك، وإنّ الذين (تركوا) بشرٌ مثلك، والذين صبروا وتحمّلوا وفازوا، نظراؤك من الآدميين لا يختلفون عنك.. (القرآن).. الموعظة البليغةُ التي تقود إلى (الكمال).