الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ، أما بعد:
فإنه لا يثبت دخول شهر رمضان بقول الفلكيين عند علمائنا المالكية، لا في حق أنفسهم ولا في حق الآخرين، لأنّ الشارع أناط الصوم والفطر والحج برؤية الهلال البصرية [ أي بالعين المجردة ] لابالعلم بوجوده في الأفق،
وهذا هو المشهور من مذهب مالك (رحمه الله).قال ابن يونس: "لا ينظر في الهلال إلى قول المنجمين لأن الشرع قصر ذلك على الرؤية أو الشهادة أو إكمال العدة فلم يجز إثبات زيادة عليه".اهـ
وقال ابن الحاجب: ولا يلتفت إلى حساب المنجمين اتفاقا، وإن ركن إليه بعض البغداديين.
قال في التوضيح: قوله: وإن ركن إليه بعض البغداديين، يشير به إلى ما روي عن ابن سريج وغيره من الشافعية، وهو مذهب مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين ابن بزيزة، وهي رواية
شاذة في المذهب، رواها بعض البغداديين عن مالك، انتهى.
قلت: هذا هو الذي يوافق الأحاديث النبوية الثابتة التي علقت الصوم برؤية الهلال البصرية لا بالعلم بأنه موجود في الأفق دون إمكان الرؤية البصرية.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين».صحيح البخاري رقم الحديث (1909) (ج3/ص27) وأخرجه مسلم برقم (1081) ج ص (2/ 762) بلفظ:
«إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما».وأخرجه النسائي برقم (2138) ج ص (4/ 139) وزاد
"الشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين"وأخرجه الامام أحمد في مسنده عن أبي هريرة برقم (9885) ج ص (15/ 546) بلفظ
«لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال» ...أقوال شراح الحديث:
قال ابن رجب الحنبلي: ثم قال: [أي النبي صلى الله عليه وسلم] ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة)) .
فتبين أن ديننا لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب، كما يفعله أهل الكتاب من ضبط عباداتهم بمسير الشمس وحسباناتها، وأن ديننا في ميقات الصيام معلق بما يرى بالبصر وهو رؤية الهلال، فإن غم أكملنا عدة الشهر ولم نحتج إلى حساب. اهـ
(فتح الباري (3/ 67).
وقال العيني في عمدة القاري (10/ 281)"وحاصله أن الاعتبار بالهلال فقد يكون تاما ثلاثين، وقد يكون ناقصا تسعا وعشرين، وقد لا يرى الهلال فيجب إكمال العدد ثلاثين".اهـ
وقد رد القاري على الذين أولوا "فاقدروا له" بالحساب الفلكي، فقال:قال ابن سريج: " فاقدروا " خطاب من خصه الله بهذا العلم، وقوله: " فأكملوا العدة " خطاب للعامة اهـ وهو مردود لحديث " «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» "، فإنه يدل على أن معرفة الشهر ليست إلى الكتاب والحساب كما يزعمه أهل النجوم، وللإجماع على عدم الاعتداد بقول المنجمين ولو اتفقوا على أنه يرى، ولقوله - تعالى - مخاطبا خير أمة أخرجت للناس خطابا عاما {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] ولقوله - صلى الله عليه وسلم بالخطاب العام " «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» " ولما في نفس هذا الحديث: " «لا تصوموا حتى تروه» " ولما في حديث أبي داود والترمذي عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " «الصوم يوم يصومون والفطر يوم يفطرون» " بل أقول: لو صام المنجم عن رمضان قبل رؤيته بناء على معرفته يكون عاصيا في صومه، إلا إذا ثبت الهلال على خلاف فيه، ولو جعل عيد الفطر بناء على زعمه الفاسد يكون فاسقا، وتجب عليه الكفارة في قول وهو الصحيح، وإن استحل إفطاره فرضا عن عده واجبا صار كافرا".اهـ من (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1372).
وقال أيضا في فيض القدير (4/ 214)"ومن قوله في خبر آخر فاقدروا بأنه يجوز الصوم بحساب النجوم للمنجم قال: فاقدروا للخواص وأكملوا للعوام لأن القمر يعرف وقوعه بعد الشمس بالحساب ورد بالمنع لأن الشرع علق الحكم بالرؤية"اهـ
وقال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه (1/ 508)"(فاقدروا) بضم الدال وجوز كسرها أي قدروا له تمام العدد ثلاثين وقد جاءت به الرواية فلا التفات إلى تفسير آخر".اهـ
قال المباركفوري: قال النووي: عدم البناء على حساب المنجمين لأنه حدس وتخمين وإنما يعتبر منه ما يعرف به القبلة والوقت - انتهى. قلت: ويرد هذا القول حديث ابن عمر الآتي إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب وقوله - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب العام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وقوله في نفس الحديث لا تصوموا حتى تروه.اهـ
(مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 431)
قال ابن بطال: "ذهب كافة الفقهاء إلى أن معنى قوله عليه السلام: (فاقدروا له) ، مجمل يفسره قوله: (فأكملوا العدة ثلاثين يومًا) ، ولذلك جعل مالك فى الموطأ (فأكملوا العدة ثلاثين يومًا) ، بعد قوله: (فاقدروا له) ، كما صنع البخارى، لأنه مفسر ومبين لمعنى قوله: (فاقدروا له) ، وحكى محمد بن سيرين أن بعض التابعين كان يذهب فى معنى قوله عليه السلام: (فاقدروا له) ، إلى اعتباره بالنجوم، ومنازل القمر، وطريق الحساب، ويقال: إنه مطرف بن الشخير. وقوله عليه السلام: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا) ، نص فى أنه عليه السلام لم يرد اعتبار ذلك بالنجوم والمنازل، لأنه لو كلف ذلك أمته لشق عليه، لأنه لا يعرف النجوم والمنازل إلا قليل من الناس، ولم يجعل الله تعالى فى الدين من حرج".اهـ
(شرح صحيح البخارى (4/ 27).
قال أبو عمرابن عبد البر: "الذي عندنا في كتبه أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة أو إكمال شعبان ثلاثين يوما لقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين
وعلى هذا مذهب جمهور فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والشام والمغرب منهم مالك والشافعي والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه وعامة أهل الحديث إلا أحمد بن حنبل ومن قال منهم بقوله".اهـ (الاستذكار (3/ 278) ومثل هذا في التمهيد أيضا.
وقال الباجي: "(فاقدروا له) يريد قدروا للشهر وتقديره إتمام الشهر الذي أنت فيه ثلاثين؛ لأن الشهر إنما يكون تسعة وعشرين يوما بالرؤية فأما بالتقدير فلا يكون إلا ثلاثين.
وقد فسر ذلك في حديث أبي هريرة «فقال - صلى الله عليه وسلم - فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» وفي حديث ربعي بن حراش «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة» وذكر الداودي أنه قيل في معنى قوله فاقدروا له أي قدروا المنازل وهذا لا نعلم أحدا قال به إلا بعض أصحاب الشافعي أنه يعتبر في ذلك بقول المنجمين والإجماع حجة عليه".اهـ المنتقى شرح الموطإ (2/ 38).
وقال النووي: "قال المازري: حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم فاقدروا له على أن المراد اكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر قالوا ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم ".اهـ (شرح النووي على مسلم (7/ 186).
وقال السيوطي: "فاقدروا له بالوصل وضم الدال وكسرها يعني حققوا مقادير أيام شعبان حتى تكملوه ثلاثين يوما كما جاء في الرواية الأخرى".اهـ
(حاشية السيوطي على سنن النسائي (4/ 130)
وقال الامام الزرقاني: "(فاقدروا له) بهمزة وصل وضم الدال تأكيد لقوله: " «لا تصوموا حتى تروا الهلال» " إذ المقصود حاصل به، وقد أورثت هذه الزيادة المؤكدة عند المخالف شبهة بحسب تفسيره لقوله: فاقدروا له، فقال الأئمة الثلاثة والجمهور: معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما، يقال: قدرت الشيء وأقدرته وقدرته بمعنى التقدير؛ أي: انظروا في أول الشهر واحسبوا ثلاثين يوما كما جاء مفسرا في الحديث اللاحق، ولذا أتى به الإمام للإشارة إلى أنه مفسر، ولذا لم يجتمعا في رواية بل تارة يذكر هذا، وتارة يذكر هذا".اهـ (شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 226)
وقال الصنعاني:"قوله: " فاقدروا له " هو أمر همزته همزة وصل وتكسر الدال وتضم، وقيل: الضم خطأ، وفسر المراد به قوله: " فاقدروا له " ثلاثين وأكملوا العدة ثلاثين، والمعنى أفطروا يوم الثلاثين واحسبوا تمام الشهر وهذا أحسن تفاسيره وفيه تفاسير أخر نقلها الشارح خارجة عن ظاهر المراد من الحديث قال ابن بطال: في الحديث دفع لمراعاة المنجمين، وإنما المعول عليه رؤية الأهلة وقد نهينا عن التكلف، وقد قال الباجي في الرد على من قال: إنه يجوز للحاسب والمنجم وغيرهما الصوم والإفطار اعتمادا على النجوم: إن إجماع السلف حجة عليه". (سبل السلام (1/ 559)
قلت: إذا تبين لك هذا فاعلم أن ما يذهب إليه البعض من الإعتماد على الأرصاد الفلكية
مردود باطل، لأن الأحاديث صريحة في أن المراد الرؤية البصرية بالعين المجردة، ويدل على ذلك أن السلف لم يكونوا ممن يتقنون علم الفلك، ولا كانوا يعتمدون عليه في الحسابات، ولا كانت عندهم آلاته كما هو الشأن الآن، وقد رأيت أن جمهور أهل العلم يبطلون قول من يجوز إثبات شهر رمضان بالحسابات الفلكية، بل بعضهم حكى
الاجماع على بطلان من يقول بذلك، والعجيب أن بعضهم يدعون انهم اتباع السلف، ويقولون:
مالم يفعله السلف في الدين لا نفعله، ثم تراهم يثبتون الهلال بما لم يثبته به السلف، ويعتمدون على الحسابات الفلكية، وهذا ظاهر في بعض أهل المشرق، والدليل على أنهم يعتمدون على الحسابات الفلكية، لا الرؤية البصرية، ما قاله
العلامة الفقيه الفلكي سيدي صالح بن عبد الله الإلغي السوسي –حفظه الله- في شرح المقنع في علم الفلك قال ما نصه:
"
قال الفلكيون: لا يمكن أن يستهل الهلال في يوم من المشرق كالحجاز، دون أن يرى في المغرب في ذلك اليوم، بل العكس هو الممكن، ذلك أن غروب الحجاز يسبق غروب المغرب بثلاث ساعات، فالوقت الذي ذكر أنه مرئي فيه بالحجاز يوافق وقت العصر في المغرب أو ما بعيده أو قبيله بقليل.
ومعلوم أنه يسير دائما إلى المشرق بسيره الذاتي، فيلزم أن يبعد عن الشمس عند غروبنا أكثر من بعده عنها وقت العصر عندنا، الذي هو غروب شمس الحجاز.
وأيضا: إذا صح أن الهلال فوق الشمس وشرقيا عند عصرنا ولم يحل بيننا وبين رؤيته إلا قوة الشعاع، فلِمَ لم نره عند غروب الشمس بعد ذهاب ذلك الشعاع ؟!
ولا يمكن أن يقال أنه رجع بعد العصر إلى الوراء، فيجاوز الشمس ذاهبا إلى غروبها، أو يصاحبها، إذ لم يكن من النجوم الخنّس التي ترجع إلى الوراء، إذ هي خمسة فقط، على أنه إذا خنس لا يمكن أن يخنس بهذا المقدار في ثلاث ساعات، بل اللازم مما تقدم أن يكون ظهوره عند غروبنا أتم وأبهر، لأنه كثر بعده عن الشمس إلى الشرق في هذه الساعات، ولذلك قالوا: يمكن أن يختفي في الحجاز لأنه لم يخرج من الشعاع، ويرى في المغرب لخروجه من الشعاع بسيره في هذه المدة إلى المشرق، وكذلك طلوعه صبيحة الثامن والعشرين يمكن أن يكون بينه وبين الشمس اثنتا عشرة درجة فأكثر، فيرى طالعا في الحجاز، ولا يرى في المغرب لأنه إذا رُئي قبيل أن يدخل في الشعاع، - وهو كما قلنا يسير إلى الشرق - فلا تمضي تلك الساعات الثلاث إلا وقد دخل في الشعاع، فكان بينهما أقل من الاثنتي عشرة [درجة] ، فلم تمكن لنا رؤيته في المغرب، فيكون ذلك الشهركاملا بالنسبة لهم، لأنه طلع عندهم في الثامن والعشرين، وناقصا بالنسبة لنا في المغرب، لأنه لم يطلع عندنا صبيحة الثامن والعشرين، وقد قال الناظم هنا:
والشهر كامل إذا ما طلع ... في كح ... (أي 28) والله أعلم.
قالوا: لا يرى الهلال إلا إذا بعد عن الشمس باثنتي عشرة درجة فأكثر، فإذا كان بينهما عند أهل المشرق إحدى عشرة درجة أو أقل، فلا تمكن لهم رؤيته، ويمكن أن يرى ذلك اليوم لأهل المغرب إذا زاد عند مغربهم ولو درجة، ويرى في اليوم الثاني لأهل المشرق كبيرا جدا يظنون أنه لليلتين، وليس الامر كذلك
وقال العلامة المحقق الفلكي المدقق سيدي محمد بن عبد الرزاق المغربي في تقرير له حول رمضان وشوال وذي الحجة لعام : 1403 هـ ما نصه:
"يتضح أن الدول الإسلامية لو وحدت خطتها في إثبات أوائل الشهور القمرية، بأن لا تعتمد إلا على الرؤية البصرية المحققة، التي لا شك فيها، ولا وهم، ولا خيال، لكان الغالب عليها الإتفاق في أوائل الشهور، وحتى إذا وقع اختلاف لأجل اختلاف المطالع، فلا يتجاوز يوما، ويتقدم بذلك اليوم من كان غربيا، لا من كان شرقيا، لما علم بالضرورة من أن الهلال إذا رُئي في البلاد الشرقية رؤية محققة، لزم رؤيته في البلاد الغربية، أتم ظهورا، وأضوأ نورا، وأنه إذا كان تحت شعاع الشمس وقت غروب البلاد الشرقية، فمن الممكن أن يخرج من شعاعها وقت غروب البلاد الغربية، فيرى فيها ولا يرى في الشرقية إلا في الغد، وهذا شيء بديهيّ كما قال القرافي وغيره، ولْيراجع
الملتمس الذي قدمناه
لجلالة الملك الحسن الثاني ولجلالة الملك فيصل السعودي، ففيه ما يشفي ويكفي في هذا الموضوع، والله الموفق". اهـ
وقد نظم العلامة الفقيه الفلكي سيدي صالح الإلغي السوسي أبيات من بحر الطويل تشير إلى الملتمس الذي قدمه سيدي محمد بن عبد الرزاق لجلالة الملك الحسن الثاني ولجلالة الملك فيصل السعودي فقال:
ولاح يلوم في التخلف عن قوم ... يحثهمُ شوق ودمعهم يهمي
يحجون في أم القرى البيت والصفا ... ويغتنمون الطهر من درن الاثم
فأبديت عذرا في التخلف عنهمُ ... وقلت: أُرجِّي أن يكف عن اللوم
يزهدني في الحج أن وقوفه ... يخالف وقته بيومين أو يوم
وأن الذي يأتي به في زمانه ... يصد ولو جرّ الذيول على النجم
ولم يك ذا الداء العضال لعصرنا ... وليدا ولكن شاع في سابقي القوم
وقد كان بعض من ذوي العلم يشتكي ... إلى من هنا ومن ورا الأحمر اليمِّ
فأنهى لحضرة الملكين فيصل ... مع الحسن الثاني الشهيرين بالحزم
وقال أميطا بارك الله فيكما ... عن الوجه وجه الدين ما فيه من وصم
وردّا إلى اليوم المحقق بالرؤى ... وقوف ضيوف الله في البلد المحمي
وذودا بما آتاكما الله من قوىً ... وكونا لدين الله أفضل من يحمي
فإن تَنصرا الدين الحنيفي تُنصرا ... وتستوجبا بالنصر غنما على غنم
فأدى بما أبدى حقوقا تراكمت ... على كل ذي علم وذي غيرة قرم
وفك بهذا الفعل أوثق عقدة ... وكان الذي إن يرمِ صيد العلى يُصم
وكان بهذا الفعل من خير أمة ... بدت للورى بالأمر والنهي عن ضيم
وقام بحق العلم لا عالم يني ... وهمته أن يُتبع القضْم بالخضم
جزى الله هذا الشهم أحسن ما جزى ... به مخلصا في الفعل والقول والأمّ
وإن دام أمر الحج للناس هكذا ... فمن ذا يؤديه على وصفه الحتم
وأحسن من ذا الحج إحراز عمرة ... ولا سيما ما كان في زمن الصوم
وتتبعها بحسن شوق ونية ... زيارة قبر المصطفى من أولي العزم
عليه صلاة الله ما قام عالم ... بواجبه الديني في الحرب والسلم.
وقال أيضا: " فبهذا نعلم قطعا أنهم [ أي أهل الحجاز] لا يبنون شهورهم على الرؤية [أي البصرية] ... ومن تأمل ما سقناه يظهر له جليا ما قاله الدكتورمحمد بن عبد الكريم الجزائري في الصفحة 31 من كتابه: (الحكم الشرعي لرؤية الهلال بالابصار وابطال نظرية الحساب الفلكي) ... ونصه:
"كل من يمعن النظر في نصوص الأحاديث المثبتة اعلاه، لا يرتاب في أن من أعرض عن الرؤية – عند إمكانها – فقد حاد عن الشريعة الإسلامية واقترف ذنبا عظيما وإثما كبيرا ... وقال أيضا في ملحق ذلك الكتاب ص 147:
وقال أبو الوليد الباجي: وقد روى ابن نافع عن الامام مالك في السلطان الذي لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته، وإنما يصوم ويفطر على الحساب، أنه لا يقتدى به ولا يتبع .
ثم عقب الباجي بقوله: فإن فعل ذلك أحد، فالذي عندي لا يعتد بما صام منه على الحساب، ويرجع إلى الرؤية وإكمال العدد، فإن اقتضى ذلك قضاء شيء قضاه". اهـ
هذا ما وقفت عليه من كلامهم في هذه المسألة باختصار شديد، والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.