الحمد لله على نعمة الإسلام وأن أرسل لنا سيد الأنام نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام والحمد لله الذى أودع فى الحروف أسرارا وحكم وخص من شاء بمعـرفتها من القدم والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبى خير الأمم وعلى آله وأصحابه أهل السيادة والكرم ثم أما بعد هذه الرساله إلى محبين هذا العلم وهو علم الحروف أقول لهم بإختصار لا تظنوا أن هـذا العلم النورانى والـسـر الرحمانى جـرى على اللسـان فـرسم البنان بل كل حرف منه مركب من سـر عـرفـانى ونور ربانى بل هو الدر المصون واللؤلؤ المكنون والكبـريت الأحمـر والياقـوت الأزهـر إشارته واضحه للعارفين ومباحثه مشارب للسالكين فالحمد لله الذى أودع رقوم الحروف بدائع أسراره وركب معانى أسمائه وفجر منها ينابيع الأعداد وبحور الأوفاق بمواهب أنواره ووكل روحانيه تقوم وتخدم أربابها فى جميع المطالب وتدل بسرعتها على فردانيته فـفـتح بساط الإنس وأطلع من شاء من عـباده على عجائب ملكوتها ممن أخلص من عـباده نحمده سبحانه على ما أولانا من مواهب آلائه ونشكره على مزيد إحسانه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهاده أقر بها بوحدانيته ونشهد أن محمد صلى الله عليه وسلم عـبده ورسوله وخاتم أنبيائه ورسله ويا إخوان الصفا ويا خلان الوفا إن الحروف مفاتيح الكلام ومدارك النظام وكنز أسرار الأنام ولا يكن فى الوجود نطق بلفظ إلا بحرف تام والكلام مركب من الحروف والحروف مركبه من الألف والألف مركبه من النقطه والنقطه من القلم والقلم سر البارئ جل وعلا قال له كن فكان فسبحان مدبر الأكوان العالم بما يكون وبما قد كان والحروف دائره على سائر اللغات وأشكالها كثيره وأعـدادها ثابته لا تتغير بتغيير اللغات وهى فى أشكالها علوم نافعه وفى أعدادها أسرار قاطعه وهى ثمانيه وعشرون حرفا دائره على المنازل القمريه والبروج الفلكيه والكواكب والأيام وعلمها رفيع وسرها بديع منيع ومن دخلها بغير علم يضيع فسبحان اللطيف الخبير السميع البصير وهى سر الأسرار الذى علمه الله لآدم عليه السلام قال تعالى { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا } قال المفسرون يعنى الحروف واعلم أن علم الحروف علم جليل والعالم والعارف به قليل إذ هو الذى يطلع ممارسه على أسرار العلوم العلويه والسفليه ويشاهد الأرواح الروحانيه ويـقـدر على تـحـصـيـل مـا يـريـده من الأمور كمعالجة الأمراض الصعبة البرئ التى يعجز الأطباء عنها كالفالج والجذام والعشق والجنون وإنقاذ المظلومين من أيدى الجبابره ورؤية الأشياء المتباعـده وجلب البعيد وإبعاد القـريب والجمع بين المتنافـرين وإظهار الخفيات وجلب المسرات ودفع المضرات وغير ذلك من الأغراض التى لا تحصد بعد ولا تنتهى عند حد وكل ذلك من الأسرار والبركات التى أودعها الله سبحانه وتعالى فى الأسماء والآيات والحروف وهذا العلم من أشرف العلوم وأفضلها وأصحها ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ( تعلموا أبجد فإن فيها الأعاجيب ) وأبجد هى الحروف الثمانيه وعشرون ولنا عبره فى ذلك كيف أقسم الله بالحروف فقال { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } وقال أيضا { ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } وقال أيضا { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } وطالما أن الله أقسم ببعض الحروف فهذا معناه أنها لها قيمة وعموما كل شئ يوجد به الحلال والحرام فـفى الحروف ممكن أن نسئ إستخدامها وسأضرب لكم مثال وهو هاتفـك الذى معـك ممكن أن توقظ به بعض الناس لصلاة الفجر وهذا حلال وممكن تستخدمه فى مضايقات الناس وهذا حرام فالموضوع راجع للشخص وليس للعلم فاللهم نور بصيرتنا كما أنرت بصرنا وأحسن خلقنا كما أحسنت خلقنا وإن أسرار الأسماء والآيات والحروف ألهمها لعباده الصالحين وأظهرها على أيديهم تحقيقا لوعده الشريف فى قوله تعالى { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ} فهو فى الحقيقه دعاء ولا يصل إلى هذه الأسرار إلا آحاد العـلماء الراسخـون وأفراد الحكماء الحاذقـون وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ومن شأنه عـزوجل أنه يؤتى الحكمة من يشاء من عـباده وينزل الــســـر عـلـى مـن شــاء مـن أولـيــائــه فـيـا إخــوة إن عــلــم الـحــروف مـن الـقــرأن الـكــريــم وهــو عـلــم قــديــم جــدا ولـه أســرارا قــويــه وأســرار لا يـعــلـمـهــا إلا الـلــه سـبـحــانــه وتـعــالـى ولــكــن بــعــض الــعــلــمـــاء يــشــكــكـــون فـى صــحــة الـحـســاب الأبـجــدى فــلــذلـك أحـبـبــت أن أضـع لــكــم بـعــض خــواص عــلــم الـحــروف ردا عــلـى كـل مـن يـشـكـك فى عـلـم الـحـروف الـتـى يــسـتـخــدمـهــا الــروحـانـيـون فى عـلـم الـحـسـاب وخـيــر دلـيـل لإقــنــاعـهــم مـن كـتـاب الـلــه فــأقـــول وعــلـى الـلـه حــســن الـقـبــول : ــ /