بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "
وقال تعالى : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين "
وقال تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين * وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود * وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير * وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم "
يذكر تعالى عن عبده ورسوله وصفيه وخليله ، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء إبراهيم عليه السلام أنه بنى البيت الذي هو أول مسجد وضع لعموم الناس ، يعبدون الله فيه ، بوأه الله مكانه ، أي أرشده إليه ودله عليه
وقد روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وغيره : أنه أرشد إليه بوحي من الله عز وجل وقد ذكرنا في صفة خلق السموات : أن الكعبة بحيال البيت المعمور ، بحيث إنه لو سقط لسقط عليها ، وكذلك معابد السموات السبع ، كما قال بعض السلف : إن في كل سماء بيتاً يعبد الله فيه أهل كل سماء ، وهو فيها كالكعبة لأهل الأرض
فأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يبني له بيتاً يكون لأهل الأرض كتلك المعابد لملائكة السموات ، وأرشده الله إلى مكان البيت المهيأ له ، المعين لذلك منذ خلق السموات والأرض ، كما ثبت في الصحيحين : " أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلي يوم القيامة "
ولم يجىء في خبر صحيح عن المعصوم أن البيت كان مبنياً قبل الخليل عليه السلام ، ومن تمسك في هذا القول بقوله : " مكان البيت " فليس بناهض ولا ظاهر ، لأن المراد مكانه المقدر في علم الله ، المقرر في قدره ، المعظم عند الأنبياء موضعه ، من لدن آدم إلى زمان إبراهيم
وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة ، وأن الملائكة قالوا له : قد طفنا قبلك بهذا البيت ، وأن السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك ، ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل ، وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها ، فأما إن ردها الحق فهي مردودة
وقد قال الله : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين " أي أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى البيت الذي ببكة وقيل محل الكعبة " فيه آيات بينات " أي على أنه بناء الخليل ، والد الأنبياء من بعده وإمام الحنفاء من ولده ، الذين يقتدون به ويتمسكون بسنته ، ولهذا قال : " مقام إبراهيم " أي الحجر الذي كان يقف عليه قائماً لما ارتفع عن قامته ، فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ، ليرتفع عليه لما تعالى البناء وعظم الفناء كما ذكر في حديث ابن عباس الطويل
وقد كان هذا الحجر ملصقاً بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأخره عن البيت قليلاً ، لئلا يشغل المصلين عنده الطائفين بالبيت ، واتبع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا ، فإنه قد وافقه ربه في أشياء ، منها قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم : لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " وقد كانت آثار قدمي الخليل باقية في الصخرة إلى أول الإسلام وقد قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة :
وثور ومن أرسـى ثبيراً مكانــــــه وارق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت حــق البيت من بطن مكــة وبـــالله إن الله ليس بغـافــل
وبـالحجر المســود إذ يمسحـونـــه إذ اكتنفوه بالضحى والأصائل
ومواطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعــل
يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدر قدمه حافية لا منتعلة ولهذا قال تعالى : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل " أي في حال قولهما : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " فهما في غاية الإخلاص والطاعة لله عز وجل ، وهما يسألان من الله عز وجل السميع العليم أن يتقبل منهما ما هما فيه من الطاعة العظيمة والسعي المشكور : " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "
والمقصود أن الخليل بني أشرف المساجد في أشرف البقاع ، في واد غير ذي زرع ، ودعا لأهلها بالبركة ، وأن يرزقوا من الثمرات ، مع قلة المياه وعدم الأشجار والزروع والثمار ، وأن يجعله حرماً محرماً وآمناً محتماً
فاستجاب الله - وله الحمد - له مسألته ، ولبى دعوته ، وآتاه طلبته ، فقال تعالى : " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " وقال تعالى : " أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا "
وسأل الله أن يبعث فيهم رسولاً منهم ، أي من جنسهم ، وعلى لغتهم الفصيحة البليغة النصيحة ، لتتم عليهم النعمتان الدنيوية والدينية ، سعادة الأولى والآخرة
وقد استجاب الله له فبعث فيهم رسولاً وأي رسول ! ختم به أنبياءه ورسله ، وأكمل له من الدين مالم يؤت أحداً قبله ، وعم بدعوته أهل الأرض على إختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم ، في سائر الأقصار والأمصار والأعصار إلى يوم القيامة ، وكان هذا من خصائصه من بين سائر الأنبياء ، لشرفه في نفسه وكمال شفقته على أمته ، ولطفه ورحمته ، وكريم محتده وعظيم مولده ، وطيب مصدره ومورده
ولهذا استحق إبراهيم الخليل عليه السلام إذا كان باني الكعبة لأهل الأرض ، أن يكون منصبه ومحله وموضعه ، في منازل السموات ورفيع الدرجات ، عند البيت المعمور ، الذي هو كعبة أهل السماء السابعة المبارك المبرور ، الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون فيه ، ثم لا يعودون إلى يوم البعث والنشور
وقد ذكرنا في التفسير من سورة البقرة صفة بنائه للبيت ، وما ورد في ذلك من الأخبار والآثار بما فيه كفاية ، فمن أراد فليراجعه ثم ولله الحمد
فمن ذلك ما قال السدى : لما أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت لم يدريا أين مكانه ، حتى بعث الله ريحاً يقال له ( الخجوج ) لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول ، وأتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس وذلك حتى يقول تعالى : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت "
فلما بلغا القواعد وبنيا الركن ، قال إبراهيم لإسماعيل : يا بني اطلب لي حجراً حسناً أضعه هاهنا قال : يا أبت إني كسلان تعب قال : على ذلك فانطلق ، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند ، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة ، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاء إسماعيل بحجر فوجده عند الركن قال : يا أبت من جاءك بهذا ؟ قال : جاء به من هو أنشط منك فبنيا وهما يدعوان الله : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "
وذكر ابن أبي حاتم أنه بناه من خمسة أجبل ، وأن ذا القرنين - وكان ملك الأرض إذ ذاك - مر بهما وهما يبنيانه فقال : من أمركما بهذا ؟ فقال إبراهيم : الله أمرنا به فقال : وما يدريني بما تقول ؟ فشهد خمسة أكبش أنه أمره بذلك فآمن وصدق وذكر الأزرقي : أنه طاف مع الخليل بالبيت
وقد كانت الكعبة على بناء الخليل مدة طويلة ، ثم بعد ذلك بنتها قريش ، فقصرت بها عن قواعد إبراهيم من جهة الشمال مما يلي الشام على ما هي عليه اليوم
وفي الصحيحين من حديث مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم : أن عبدالله بن محمد بن أبي بكر أخبر عن ابن عمر ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألم ترى أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم " ؟ فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم ؟ فقال : " لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت " وفي رواية : " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو قال بكفر - لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ، ولأدخلت فيها الحجر "
وقد بناها ابن الزبير رحمه الله في أيامه على ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما أخبرته به خالته عائشة ، أم المؤمنين عنه ، فلما قتله الحجاج في سنة ثلاثة وسبعين كتب إلى عبد الملك بن مروان الخليفة إذا ذاك ، فاعتقدوا أن ابن الزبير إنما صنع ذلك من تلقاء نفسه فأمر بردها إلى ما كانت عليه ، فنقضوا الحائط الشامي وأخرجوا منها الجر ، ثم سدوا الحائط وردموا الأحجار في جوف الكعبة ، فارتفع بابها الشرقي وسدوا الغربي بالكلية ، كما هو مشاهد إلى اليوم
ثم لما بلغهم أن ابن الزبير إنما فعل هذا لما أخبرته عائشة أم المؤمنين ندموا على ما فعلوا ، وتأسفوا أن لو كانوا تركوه وما تولى من ذلك
ثم لما كان في زمن المهدي بن المنصور استشار الإمام مالك بن أنس في ردها على الصفة التي بناهاه ابن الزبير فقال له : إني أخشى أن يتخذها الملوك لعبة يعني كلما جاء مثلك بناءها على الصفة التي يريد فاستقر الأمر على ما هي عليه اليوم
* * *
ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم
قال الله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " لما وفي ما أمره به ربه من التكاليف العظيمة ، جعله للناس إماماً يتقدون به ويأتمون بهديه وسأل الله أن تكون هذه الإمامة متصلة بسببه ، وباقية في نسبه ، وخالدة في عقبه فأجيبب إلى ما سأل ورام وسلمت إليه الإمام بزمام ، واستثنى من نيلها الظالمون ، واختص بها من ذريته العلماء العاملون ، كما قال تعالى : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقال تعالى : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم "
فالضمير في قوله : " ومن ذريته " عائد إلى إبراهيم على المشهور ، ولوط وإن كن ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليباً ، وهذا هو الحامل للقائد الآخر أن الضمير على نوح كما قدمنا في قصته والله أعلم
وقال تعالى : " ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب " الآية فكل كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل ، فمن ذريته وشعيته ، وهذه خلعة سنية لا تضاهى ، ومرتبه عليه لا تباهي وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان : إسماعيل من هاجر ، ثم إسحاق من سارة ، وولد له يعقوب - وهو إسرائيل - الذي ينتسب إلى سائر أسباطهم ، فكانت فيهم النبوة ، وكثروا جداً بحيث لا يعلم عددهم إلا الذي بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة ، وحتى ختموا بعيسى ابن مريم من نبي إسرائيل
وأما إسماعيل عليه السلام ، فكانت منه العرب على إختلاف قبائلها ، كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى ، ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتمهم على الإطلاق وسيدهم ، وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ، المكي ثم المدني صوات الله وسلامه عليه
فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة ، والدرة الزاهرة ، وواسطة العقد الفاخرة ، وهو السيد الذي يفتخر به أهل الجمع ، ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة
وقد ثبت عنه في صحيح مسلم أنه قال : " سأقوم مقاماً يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "
فمدح إبراهيم أباه مدحة عظيمة في هذا السياق ، ودل كلامه على أنه أفضل الخلائق بعده عند الخلاق ، في هذه الحياة الدنيا ويوم يكشف عن ساق
وقال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : " إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق : أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة "
ورواه أهل السنن من حديث منصور به
وقال تعالى : " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم " ذكر المفسرون لهذا السؤال أسباباً بسطناها في التفسير وقررناها بأتم تقرير
والحاصل : أن الله عز وجل أجابه إلى ما سأل ، فأمره أن يعمد إلى أربعة من الطيور ، اختلفوا في تعيينها على أقوال ، والمقصود حاصل على كل تقدير ، فأمره أن يمزق لحومهن وريشهن ، ويخلط ذلك بعضه في بعض ، ثم يقسمه قسماً ويجعل على كل جبل منهم جزءاً ففعل ما أمر به ، ثم أمر أن يدعوهن بإذن ربهن ، فلما دعاهن جعل كل عضو يطير إلى صاحبه ، وكل ريشة تأتي إلى أختها ، حتى اجتمع بدن كل طائر على ما كان عليه ، وهو ينظر إلى قدرة الذي يقول للشيء كن فيكون ، فأتين إليه سعياً ، ليكون أبين له وأوضح لمشاهدته من أن يأتين طيراناً
ويقال إنه أمر أن يأخذ رءوسهن في يده ، فجعل كل طائر يأتي فيلقى رأسه فتركب على جثته كما كان فلا إله إلا الله
وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم قدرة الله تعالى على إحياء الموتى علماً يقيناً لا يحتمل النقيض ، ولكن أحب أن يشاهد ذلك عياناً ، ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين ! فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه غاية مأموله
* * *
وقال تعالى : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون * ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "
ينكر تعالى على أهل الكتاب من اليهود والنصارى في دعوى كل من الفريقين ، كون الخليل على ملتهم وطريقتهم ، فبرأه الله منهم ، وبين كثرة جهلهم وقلة عقلهم في قوله : " وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده " أي فكيف يكون على دينكم وأنتم إنما شرع لكم ما شرع بعده بمدد متطاولة ؟ ولهذا قال : " أفلا تعقلون " إلى أن قال : " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين "
فبين أنه كان على دين الله الحنيف ، وهو القصد إلى الإخلاص ، والإنحراف عمداً عن الباطل إلى الحق الذي هو مخالف لليهودية والنصرانية والمشركية
كما قال تعالى : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون * وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم * صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون * قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون * أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "
فنره الله عز وجل خليله عليه السلام عن أن يكون يهودياً أو نصرانياً ، وبين أنه إنما كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين ، ولهذا قال تعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه " يعني الذين كانوا على ملته من أتباعه في زمانه ، ومن تمسك بدينه من بعدهم : " وهذا النبي " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، فإن الله شرع له الدين الحنيف الذي شرعه للخليل ، وكمله الله تعالى له ، وأعطاه ما لم يعط نبياً ولا رسولاً من قبله ، كما قال تعالى : " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " وقال تعالى : " إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين * ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "
وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رآى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيدهما الأزلام فقال : " قاتلهم الله والله ما استقسما بالأزلام قط "
لم يخرجه مسلم
وفي بعض ألفاظ البخاري : " قاتلهم الله لقد علموا أن شيخنا لم يستقم بها قط وقوله : " أمة " أي قدوة إماماً مهتدياً داعياً إلى الخير ، يقتدى به فيه " قانتا لله " أي خاشعاً له في جميع حالاته وحركاته وسكناته " حنيفا " أي مخلصاً على بصيرة " ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه " أي قائماً بشكر ربه بجميع جوارحه من قلبه ولسانه وأعماله " اجتباه " أي اختاره الله لنفسه واصطفاه لرسالته ، واتخذه خليلاً ، وجمع له بين خيري الدنيا والآخرة
وقال تعالى : " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا " يرغب تعالى في اتباع إبراهيم عليه السلام ، لأنه كان على الدين القويم والصراط المستقيم ، وقد قام بجميع ما أمره به ربه ، ومدحه تعالى بذلك فقال : " وإبراهيم الذي وفى " ولهذا اتخذه الله خليلاً ، والخلة هي غاية المحبة كما قال بعضهم :
قـــد تخللت مسلــك الروح مني وبــذا سمى الخليــل خليــلاً
وهكذا نال هذه المرتبة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلوات الله وسلامه عليه ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهم من حديث جندب البجلي وعبد الله بن عمرو وابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيها الناس إن الله اتخذني خليلاً "
وقال أيضاً في آخر خطبة خطبها : " أيها الناس لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن صاحبكم خليل الله " أخرجاه من حديث أبي سعيد
وثبت أيضاً من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس وابن مسعود وروي البخاري في صحيحه : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن عمرو بن ميمون ، قال : إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ : " واتخذ الله إبراهيم خليلا " فقال رجل من القوم : لقد قررت عين أم إبراهيم !
وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم ، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد ، حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة ، حدثنا عبد الله الحنفي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه ، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : عجباً إن الله اتخذ من خلقه خليلاً ؟ فإبراهيم خليله ، وقال آخر : ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليماً وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم فسلم وقال : " قد سمعت كلامكم وعجبكم إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى كليمه وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا أني حبيب الله ولا فخر ، ألا وإني أول شافع وأول مشفع ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلقة باب الجنة فيفتحه الله فيدخلنيها ومعي نقراء المؤمنين ، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر "
هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وله شواهد من وجوه أخر والله أعلم
وروى الحاكم في مستدركه من حديث قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : أتنكرون أن تكون الخلة لإبراهيم ؟ والكلام لموسى ؟ والرؤية لمحمد ؟ صوات الله وسلام عليهم أجمعين
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمود بن خالد السلمي ، حدثنا الوليد ، عن إسحاق بن يسار قال : لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى إن كان خفقان قلبه ليسمع من بعد كما يسمع خفقان الطير في الهواء
وقال عبيد بن عمير : كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس ، فخرج يوماً يلتمس إنساناً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً قائماً ، فقال : يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال : دخلتها بإذن ربها قال ومن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، أرسلني ربي إلى عبد من عباده ، أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً قال : من هو ؟ فوالله إن أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لآتينه ، ثم لا أبرح له جاراً ، حتى يفرق بيننا الموت قال : ذلك العبد أنت قال : أنا ؟ قال : نعم قال : فبم اتخذني ربي خليلاً ؟ قال : بأنك تعطي الناس ولا تسألهم رواه ابن أبي حاتم
وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيراً في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له ، فقيل : إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعاً ، منها خمسة عشر في البقرة وحدها
وهو أحد أولى العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصاً من بين سائر الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى ، وهما قوله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " وقوله : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " الآية
ثم هو أشرف أولى العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم
وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسنداً ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم وما وقع في حديث شريك ابن أبي نمير عن أنس في حديث الإسراء ، من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة فما انتقد على شريك في هذا الحديث ، والصحيح الأول
وقال أحمد : حدثنا محمد بن بشر : حدثنا محمد بن عمرو ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن "
تفرد به أحمد
ثم مما يدل على أن إبراهيم أفضل من موسى الحديث الذي قال فيه : " وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "
رواه مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه
وهذا هو المقام المحمود الذي أخبر عنه صلوات الله وسلامه عليه بقوله : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " ثم ذكر استشفاع الناس بآدم ، ثم بنوح ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، فكلهم يحيد عنها حتى يأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيقول : " أنا لها ، أنا لها " الحديث بتمامه
وقال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عبيد الله : حدثني سعيد ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله من أكرم الناس قال : " أكرمهم أتقاهم " فقالوا : ليس عن هذا نسألك قال : " فأكرم الناس يوسف بني الله ، ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله " قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : " فعن معادن العرب تسألونني ؟ قالوا : نعم قال : فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "
وهكذا رواه البخاري في مواضع آخر و مسلم و النسائي من طرق ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله - وهو ابن عمر العرى به
ثم قال البخاري : قال أبو أسام ومعتمر عن عبيد الله ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قلت : وقد أسنده في موضع آخر من حديثهما ، وحديث عبيدة بن سليمان و النسائي من حديث محمد بن بشر ، أربعهم عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا أباه
وقال أحمد : حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله " تفرد به أحمد
وقال البخاري : إسحاق بن منصور ، أخبرنا عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله ، عن أبيه عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكريم بن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم "
تفرد به من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر به
* * *
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سفيان : حدثني مغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " يحشر الناس عراة غرلا ، فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام " ثم قرأ : " كما بدأنا أول خلق نعيده " فأخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ، كلاهما عن مغيرة بن النعمان النخعي الكوفي ، عن سعيد بن جبير ، بن ابن عباس به
وهذه الفضيلة المعينة لا تقتضي الأفضلية بالنسبة إلى ما قابلها مما ثبت لصاحب المقام الحمود ، الذي يغبطه به الأولون والآخرون
وأما الحديث الآخر الذي قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وأبو نعيم ، حدثنا سفيان - وهو الثوري - عن مختار بن مختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا خير البرية قال : " ذاك إبراهيم " فقد رواه مسلم من حديث الثوري وعبد الله بن إدريس وعلى بن مشهر ومحمد بن فضيل ، أربعتهم عن المختار بن فلفل
وهذا باب الهضم والتواضع مع والده الخليل عليه السلام كما قال : " لا تفضلوني على الأنبياء " وقال : " لا تفضلوني على موسى ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فأوجد موسى باطشاً بقائمة العرش ، فلا أدرى أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " ؟
وهكذا كله لا ينافي ما ثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه من أنه سيد ولد آدم يوم القيامة وكذلك حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم : " وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "
ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولي العزم بعد محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، أمر المصلى أن يقول في تشهده ، ما ثبت في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة وغيره ، قال : قلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد "
* * *
وقال الله تعالى : " وإبراهيم الذي وفى " قالوا : وفي جميع ما أمر به وقام بجميع خصال الإيمان وشعبه ، وكان لا يشغله مرعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل ، ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار
قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن ابن طاووس عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " قال : ابتلاه الله بالطهارة : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة ، والسواك ، والإستنشاق ، وفرق الرأس وفي الجسد : تقليم الأظافر ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائظ والبول بالماء رواه ابن أبي حاتم
وقال : وروي عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وأبي صالح وأبي الجلد نحو ذلك
قلت : وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " القطرة خمس : الختان ، والإستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط "
وفي صحيح مسلم وأهل السنن من حديث وكيع ، عن زكريا ابن أبي زائدة ، عن مصعب ابن شيبة العبدري المكي الحجي ، عن طلق بن حبيب العنزي ، عن عبد الله بن الزربي ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط وحلق العانة ، وانتقاص الماء - يعني الإستنجاء "
وسأتي في ذكر مقدار عمره والكلام على الختان
والمقصود أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يشغله القيام بالإخلاص لله عز وجل وخضوع العبادة العظيمة ، عن مراعاة مصلحة بدنه ، وإعطاء كل عضو ما يستحقه من الإصلاح والتحسين ، وإزالة ما يشين ، من زيادة شعر أو ظفر أو وجود قلح أو وسخ
فهذا من جملة قوله تعالى في حقه من المدح العظيم : " وإبراهيم الذي وفى "
منقول