- القرآن فُرقان: والقرآن (فُرقان)، أي معيار نميِّز به الحق من الباطل، والخير من الشرّ، والعدل من الظلم، والشّقاء من السعادة، والعلم من الجهل، والقوّة من الضعف، والصدق من الكذب، والنّجاة من الهلاك: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (الفرقان/ 1). مشكلةُ الكثير من الناس، ليس اليوم ولا في هذا العصر فقط، بل في كلِّ زمان، هي مشكلة (المعايير) و(الموازين) و(المساطر) و(الباروميترات).. ولذلك تختلط عليهم الأمور وتشتبه، فيتساقطون ضحايا التمويه والتغرير والخداع والدّهاء والتلاعب والإستغفال. (القرآن).. يُفرٌِّ ويُميِّز ويُفصِّل فيُسمِّي كلّ شيءٍ باسمه.. الأبيض أبيض والأسود أسود.. ومشكلة (عمى الألوان) هي في (النّاظر) وليست في الأشياء (المنظورة). يقول (المتنبِّي): أُعِيْدها نَظَراتٍ مِنكَ صادقةً **** أن تحسبَ الشَحمَ فيمَن شحمهُ وَرَمُ إنّ تلميذ القرآن علي بن أبي طالب (ع)، الذي يقول: "وإنّ معي لبصيرتي لا لُبِّستُ (بشكٍّ داخليّ) ولا التُبِسَ عليَّ (بدعوى خارجيّة)"، قد تعلّم هذا (الفرقان) من هذا (القرآن)، ومن الحامل الأوّل له أستاذه ومعلِّمه رسول الله (ص)، فكان الحقّ عنده يُعرَف ويُقاس من خلال كونه الإصابة المباشرة في (نقطة الهدف) وما عداه فسهام طائشة. (القرآن).. نقطة الهدف. (القرآن) المعيار الذي تُصحّح به المعايير الأخرى، فما وافقَ معاييره معيار حقيقي، وما خالف موازينه معيار زائف. ولو لم يفرِّق القرآن بين النور وبين الظلام لالتبست علينا الأمور، فربّما كنّا نرى النور ظلمة والظلمة نوراً، كما هو شأن الكثيرين من الناس.