النصير
النصير: فعيل بمعنى فاعل أو مفعول لأنَّ كل واحد من المتناصرين ناصر ومنصور وقد نصره ينصره نصراً إذا أعانه على عدوه وشدَّ منه. والنصير هو الموثوق منه بأن لا يسلم وليه ولا يخذله. والله عز وجل النصير ونصره ليس كنصر المخلوق : {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وقد سمى نفسه تبارك وتعالى باسم النصير فقال:{وكفى بربك هاديا ونصيراً}، {والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً} ، {واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير}، {فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير}.
والله عز وجل هو النصير الذي ينصر عباده المؤمنين ويعنيهم كما قال عز وجل:{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}, وقال عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }، {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}، {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم}، {ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}، {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}، {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبنَّ كيده ما يغيظ}، ونصرة الله للعبد ظاهرة من هذه الآيات وغيرها فهو ينصر من ينصره ويعينه ويسدده.
أما نُصرَة العبد لله فهي: أن ينصر عباد الله المؤمنين والقيام بحقوق الله عز وجل، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، والابتعاد عما حرم الله عليه فهذا من نصرة العبد لربه كما قال عز وجل:{إن تنصرو الله ينصركم}وقال:{كونوا أنصار الله } وقال:{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} ومن نصر الله بطاعته والابتعاد عن معصيته نصره الله نصراً مؤزراً، والله عز وجل: ينصر عباده المؤمنين على أعدائهم ويبين لهم ما يحذرون منهم، ويعينهم عليهم فولايته تعالى فيها حصول الخير ونصره فيه وزوال الشر.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا غزا : ((اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، بك أجول وبك أصول، وبك أقاتل)).
والله عز وجل ينصر عباده المؤمنين في قديم الدهر وحديثه في الدنيا ويقر أعينهم ممن آذاهم ففي صحيح البخاري يقول الله تبارك وتعالى: (( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) ولهذا أهلك الله قوم نوح، وعاد، وثمود، وأصحاب الرس، وقوم لوط، وأهل مدين، وأشباههم ممن كذب الرسل وخالف الحق. و أنجى الله تعالى من بينهم المؤمنين فلم يهلك منهم أحداً وعذب الكافرين فلم يفلت منهم أحداً ، وهكذا نصر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه على من خالفه وكذبه، وعاداه، فجعل كلمته هي العليا ودينه هو الظاهر على سائر الأديان .. ودخل الناس في دين الله أفواجاً وانتشر دين الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد وعد الله من ينصره بالنصر والتأييد فمن نصر الله بالقيام بدينه والدعوة إليه، وجهاد أعدائه وقصد بذلك وجه الله، نصره الله وأعانه وقواه، والله وعده وهو الكريم وهو أصدق قيلاً وأحسن حديثاً فقد وعد أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره. وقد بين الله عز وجل علامة من ينصر الله فمن ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه ولم يتصف بهذا الوصف فهو كاذب.قال الله عز وجل:{ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}. فهذه علامة من ينصر الله وينصره الله.
وقد أمر الله عباده المؤمنين بنصره عز وجل فقال:{يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله} ومن نصر دين الله تعلُّم كتاب الله وسنة رسوله، والحث على ذلك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الشافي
الشفاء في اللغة هو البرء من المرض. يقال: شفاه الله يشفيه، واشتفى افتعل منه، فنقله من شفاء الأجسام إلى شفاء القلوب والنفوس.
والله سبحانه وتعالى هو الشافي فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول : ((اللهم رب الناس أذهب البأس واشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً )) وقال أنس رضي الله عنه لثابت البناني حينما اشتكى إليه : ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله علية وسلم ؟قال:بلى. قال : ((اللهم رب الناس مذهب البأس أشفي أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً)).
فالله عز وجل هو الشافي من الأمراض والعلل والشكوك وشفاؤه شفاءان أو نوعان:
النوع الأول: الشفاء المعنوي الروحي وهو الشفاء من علل القلوب .
النوع الثاني: الشفاء المادي وهو الشفاء من علل الأبدان. وقد ذكر عز وجل هذين النوعين في كتابه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته فقال صلى الله عليه وسلم(( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)) .
النوع الأول:شفاء القلوب والأرواح. قال الله عز وجل:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين}.
والموعظة:هي ما جاء في القرآن الكريم من الزواجر عن الفواحش والإنذار عن الأعمال الموجبة لسخط الله عز وجل المقتضية لعقابه ، والموعظة هي الأمر والنهي بأسلوب الترغيب والترهيب، وفي هذا القرآن الكريم شفاء لما في الصدور من أمراض الشبه، والشكوك، والشهوات، وإزالة ما فيها من رجس ودنس. فالقرآن الكريم فيه الترغيب والترهيب، والوعد، والوعيد وهذا يوجب للعبد الرغبة والرهبة، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشر ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه. وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين. وإذا صلح القلب من مرضه تبعته الجوارح كلها فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده.
وهذا القرآن هدى ورحمة للمؤمنين.وإنما هذه الهداية والرحمة للمؤمنين المصدقين الموقنين كما قال تعالى:{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} وقال:{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمىً أولئك ينادون من مكان بعيد} فالهدى هو العلم بالحق والعمل به، والرحمة ما يحصل من الخير والإحسان، والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى بهذا القرآن العظيم. فالهدى أجل الوسائل، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب ولكن لا يهتدي به، ولا يكون رحمةً إلا في حق المؤمنين، وإذا حصل الهدى، وحصلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة، والربح، والنجاح، والفرح والسرور.
ولذلك أمر الله بالفرح بذلك فقال:{قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} .
والقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد وإنما ذلك كله للمؤمنين به المصدقين بآياته العاملين به. أما الظالمون بعدم التصديق به، أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلاخساراً. إذ به تقوم عليهم الحجة. والشفاء الذي تضمنه القرآن شفاء القلوب .. وشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها.
فالله عز وجل يهدي المؤمنين { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}يهديهم لطريق الرشد، والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة.
ويشفيهم تبارك وتعالى بهذا القرآن من الأسقام البدنية والأسقام القلبية لأن هذا القرآن يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال ويحثُّ على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلوب. وأما الذين لا يؤمنون بالقرآن ففي آذانهم صمم عن استماعه وإعراض وهو عليهم عمىً فلا يبصرون به رشداً ولا يهتدون به ولا يزيدهم إلا ضلالاً.وهم يدعون إلى إلا يمان فلا يستجيبون وهم بمنزلة الذي ينادى وهو في مكان بعيد لا يسمع داعياً ولا يجيب منادياً والمقصود : أن الذين لا يؤمنون بالقرآن، لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولا يستفيدون منه خيراً لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم ويجد الإنسان مصداق هذا القول في كل زمان وفي كل بيئة فناس يفعل هذا القرآن في نفوسهم فينشئها إنشاءً ويحييها إحياءً ويصنع بها ومنها العظائم في ذاتها وفيما حولها.
وناس يثقل هذا القرآن على آذانهم وعلى قلوبهم ولا يزيدهم إلا صمماً وعمىً وقلوبهم مطموسة لا تستفيد من هذا القرآن. وما تغيَّر القرآن ولكن تغيرت القلوب .
والله عز وجل يشفي صدور المؤمنين بنصرهم على أعدائهم وأعدائه قال سبحانه:{قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم}.
فإن في قلوب المؤمنين الحنق والغيظ عليهم فيكون قتالهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم، والهم، إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين لله ولرسوله ساعين في إطفاء نور الله فيزيل الله ما في قلوبهم من ذلك وهذا يدل على محبة الله للمؤمنين واعتنائه بأحوالهم.
النوع الثاني شفاء الله للأجساد والأبدان:
والقرآن كما إنه شفاء للأرواح والقلوب فهو شفاء لعلل الأبدان كما تقدم فإن فيه شفاء للأرواح والأبدان. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب، فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك ، فقالوا: هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فضحك وقال : (( وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم )) وعن عائشة رضي الله عنها (( أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها))
قال ابن القيم رحمه الله : ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة، والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدَّع من عظمته وجلالته قال تعالى:{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} ، ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا هو أصح القولين .
وعلى هذا فالقرآن فيه شفاء لأرواح المؤمنين وشفاء لأجسادهم.
والله عز وجل هو الشافي من أمراض الأجساد وعلل الأبدان قال عز وجل : {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقومٍ يتفكرون} قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} : ما بين أبيض، وأصفر، وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها منها ، وقوله{فيه شفاء للناس}أي في العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم قال بعض من تكلم على الطب النبوي : لو قال فيه شفاء للناس لكان دواء لكل داء ولكن قال فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحدٍ من أدواءٍ باردة فإنه حار والشيء يداوى بضده.. والدليل على أن المراد بقوله تعالى : { فيه شفاء للناس } هو العسل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أسقه عسلاً)) فسقاه. ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً فقال له ثلاث مرات.ثم جاء الرابعة فقال: ((أسقه عسلاً)) فقال لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صدق الله وكذب بطن أخيك ))فسقاه فبرأ .
قال بعض العلماء بالطب : كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً فاعتقد الأعرابي أنَّ هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ثم سقاه فازداد ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه الصلاة والسلام.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( الشفاء في ثلاث:شربة عسل ، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي)) والله عز وجل هو الذي هدى هذه النحلة الصغيرة هذه الهداية العجيبة ويسَّر لها المراعي ثم الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها فيه شفاء للناس من أمراض عديدة. فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى وتمام لطفه بعباده وأنه الذي ينبغي أن لا يحب غيره ولا يدعى سواه.
وأخبر الله عز وجل عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله تبارك وتعالى : {الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين} قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى:{وإذا مرضت فهو يشفين} أسند إبراهيم عليه الصلاة والسلام المرض إلى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه، وخلقه ولكن أضافه إلى نفسه أدباً.
ومعنى ذلك: إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر تبارك وتعالى من الأسباب الموصلة إلى الشفاء.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد الأمة إلى طلب الشفاء من الله الشافي الذي لا شفاء إلا شفاؤه ومن ذلك ما رواه مسلم وغيره عن عثمان بن العاص أنه اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد و أحاذر)) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض )) فهذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يعتمدوا على ربهم مع الأخذ بالأسباب المشروعة فإنَّ الله عز وجل هو الشافي لا شفاء إلا شفاءه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه بالشفاء، لأنه هو الذي يملك الشفاء والشفاء بيده تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وسلم لسعدٍ : ((اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً )) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه ويطلب الشفاء من الله الشافي : ((بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا )) وقد أوضح صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي أنزل الدواء وهو الشافي فقال صلى الله عليه وسلم : ((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)) .
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (( لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عزَّ وجل))
وقال عليه الصلاة والسلام : ((إنَّ الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام )) .
وجاءت الأعراب فقالت: يا رسول الله ألا نتداوى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ((نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء، إلا داء واحداً)) فقالوا يا رسول الله ما هو؟ قال((الهرم)) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله )) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها ويجوز أن يكون قوله ((لكل داء دواء )) على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لا يمكن للطبيب أن يبرئها ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تبرئها، ولكن طوى علمها عن البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلاً لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله.
فالله عز وجل هو الشافي الذي يشفي من يشاء ويطوي علم الشفاء عن الأطباء إذا لم يرد الشفاء. فنسأل الله الذي لا إله إلا هو بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يشفي قلوبنا وأبداننا من كل سوء ويحفظنا بالإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
من كتاب شرح أسماء الله الحسنى